نجدد الترحاب بكل متابعي مدونة عذب الكلام.

إبداعنا لهذا اليوم بعنوان سهوت للحظات بقلم الكاتبة سميرة بسراف.

سهوت للحظات للكاتبة سميرة بسراف


سهوت للحظات 

على جانب البحر وفي إحدى المقاهي المتواجدة بمدينة الرباط العاصمة كنت أجلس رفقة مجموعة من الأصدقاء ،،،كان كل شيئ مختلف عن عادته اليوم له مداق من نوع آخر مداق ممزوجا بالحماس والأمل دون أن ننسى الخوف من وباء كورونا..

فنحن الآن لسنا في فصل الشتاء البارد ولا في فصل الخريف الذي يقضي بسقوط أخير ورقات صفراء شاحبة اللون انتهت مدتها بالحياة ولا في فصل الربيع الذي تزهير فيه الزهور، نحن الآن في فصل الصيف من سنة 2020 فصل ممزوجا بغضب الوباء اللعين..

في ذلك المقهى يوجد العديد والكثير من الناس منهم من يضحك ومنهم من يتكلم ومنهم وكثير منهم صامت وفي عمق صمتهم تأويلات لا تنتهي ومنهم من من يتأمل وجوه أطفاله البريئة وهم يعانقون الحرية من جديد ومنهم من يجبر خاطر والديه المسنين وقد رسم البحر على تجاعيد وجوههم بسمة من الأمل...كأنهم يحاربون ساعات الزمن وكأن هذا الوباء أخذ منهم كل الحياة ومنهم من يتأمل تفاصيل ويترجم حركات الناس مثلي فهناك صفات نفقدها في أنفسنا فنصبح لا نراها إلا في أناس غيرنا....

وبملامح هادئة وثابتة أمسكت برواية كنت أحملها معي في حقيبتي وبدأت في تحسس أوراقها الصفراء المفعمة بكل حروف الهجاء، وكلي أمل في صنع عالما خاصا يجوز فيه الحلم الممنوع ،يجوز فيه تحقيق المستحيل ...

كان كل همي حينها أن أسافر في رحلة خيالية بطلتها فتاة تائهة بين أرقام صفات الحياة ..

سهوت للحظات قليلة أو ربما لحظات طويلة !!! 

وأنا أفكر وأتسأل؟؟؟

كيف لمن جرح و تأدت روحه أن لا يجف قلبه عن الحياة؟

كيف لمن غدر ألا يحقد ويبتعد؟؟

كيف لمن فقد غاليا عزيزا ألا يكتئب؟؟

كيف لمن خدلت روحه أن يؤمن بالوعود والبقاء ؟؟

يالها من أسئلة استفزازية؟!

ومن المقصود بهذا؟؟

أتحدث عن ذلك الشخص الذي عاش التجربة المرة لوحده وتجاوزها بمشقة النفس ،أتحدث عن ذاك الشخص الذي مهما تجاوز من الخيبات تظل في نبرات صوته مرارة الألم والأسف، أتحدث عن ذاك الشخص الذي أصبح يقول أن بعض الأشياء لو فقدت من المستحيل استرجاعها  كأن تفقد شخصا غاليا مثلا.....

كأن يرحل عند والديك إلى دار البقاء وانت لاتزال في عمر الزهور وحده الله الذي يعلم حجم الألم والخيبة.... 

أحلامنا كانت بسيطة جدا كلها كانت تتمحور حول الأمل، 

ماذا لو قلت لكم أنه كان مجرد حلم في ساعة لا حول الأمل، حول الحياة،وحول الوصول... لم يكن هناك شيئ يكسر من أحلامنا التي وصلت عنام السماء 

ماذا بعد ؟!!

سقف من الأحلام، كل حلم يحمل لون مختلف عن الحلم الآخر، لكن الهدف يبقى موحدا وكل يوم يمر يسقط من تلك الأحلام حلم جديد وكأن الأيام اتفقت على محاكمتها واسقاطها، 

ليس مشكل أيتها الحياة 

لازلنا نحلم واقعيا وخياليا، اقتلي فينا ما شئتي فالقلب لن يتوقف عن النبض صوت دقات قلوبنا وصوت أحلامنا لن يتركنا نسقط ،لدينا مئات بل الألف من الأحلام الجميلة التي لن تنتهي أبدا وربما يوما ما ستصبح حقيقة....

ماذا لو قلت لكم أنه كان مجرد حلم في ساعة لا تأبى عن السكوت ؟!!

ماذا لو قلت لكم أن الساعة الآن تشير إلى الرابعة صباحا....

ماذا لو قلت لكم أنني لست على جانب البحر ولست جالسة بالمقهى وليس معي أصدقاء وليس أمامي اناس..... بل مستلقية على ذلك السرير الكئيب أحمل هاتفي بيدي وأنظر إلى شاشته وقد أصبحت لوحة سوداء تعكس تعابير ملامحي الحزينة وأنا أرى على طرف مقلتي دموعا تتلألأ في هدوء تام وكأنها تخاف أن تزعجني وأنا في أقصى تأسفاتي العميقة الغير المنتهية....

من جديد أشعر بتلك الغصة تعتصر قلبي وبشكل أقوى من ما مضى... ما شأن الليل ؟؟وما شأن الذكريات المنسية؟ وما شأن هذه الألحان المعلقة على جدران الساعة الحزينة ؟

وسؤال الأعظم ما ذنبي في كل هذه الفوضى؟؟؟

ربما ذنبي الوحيد أني خلقت مرهفة الإحساس كثيرة التفكير وعميقة التأويل وسريعة الغضب ،وهذا ذنب من الذنوب العظيمة التي ارتكبتها في حقي نفسي البريئة 

الفكر المعمق إنه أمر متعب جدا 

هل كان من الضروري أن تحدث كل هذه الصراعات لكي يقدر المرء أشياء جميلة في حياته؟!!

هل كان من الضروري أن نفقد كل شيئ حتى نشعر نقدر قيمة  أشخاص رحلو عنا الى دار البقاء وأشخاص أخرون تائهين في دار الحياة؟!!

هل كان من الضروري أن تعلمنا تجارب الحياة أنه لا شيئ يستحق كل هذا العناء وأننا مجرد ضيوف وسنرحل عن هذه الأرض يوما ما ؟؟!!

هل كان من ضروري ان نفقد أشخاص أو أشياء حتى نعرف ان قيمة الحب تكمل  في التعاون والعطف على الآخرين...؟؟!

ألم أقول لكم أن التفكير المعمق متعب و مرهق جدا؟!!

غريب أليس هذا هو العالم الذي تركناه بأنفسنا و البعض كرهه والآخر لم يعد يتحمله والآخر أصبح أنانيا لا يشعر إلا بنفسه....

ألم أقول لكم أنني كثيرة التفكير وهذا  مرهق جدا؟؟؟

إهداء إلى كل شخص فقد شخصا غاليا عليه سواء أكان أبا أو أما أو أخا أو أختا أو صديقا اهداء الى كل روح طاهرة تألمت من الفقدان والحرمان "سيجبرك الله ويعوضك خيرا عما فقدت فصبر"

سهوت للحظات 

بقلم سميرة بسراف

نقترح عليكم: صوت الذاكرة للكاتبة سميرة بسراف

ونقترح أيضا: خواطر: مع توسمان للكاتب عبد الصمد بولحية

وإلى لقاء آخر مع إبداع جديد من إبداعات عذب الكلام

مع تحيات فريق العمل.

جديد قسم : إبداعات

إرسال تعليق